الجزء الخامس….
استدار مغادرا ليعود إلى منزله…فقد تأخر الوقت والشمس قاربت على الشروق…
أنه فى تلك المدينة الساحلية منذ تسع سنوات تقريبا…
عاد يتذكر ليلة زفافه التى لم تكتمل…بعد أن سقط اسماعيل غارقا فى دمائه..تحول الفرح لمأتم…واصيب الجميع بالفزع
أصبح اباه لا يطاق…دائم الصياح والمشاجرة…اوزع ذلك وقتها إلى الصدمة الكبيرة التى مرت بها العائلة….ولكن معاملته له تغيرت كثيرا…اصبح لا يطيق الجلوس معه ودائما يرمقه بنظرات غريبة…
اهمل والده الأرض والمزرعة..حتى صارت خرابا..ولم يستطع منتصر سداد الديون التى تراكمت عليهم … حاول أن يحافظ على المصنع قدر الإمكان حفاظا على الأمانة التى تركها له عمه وابن عمه…
كانت الأحوال تتدهور بسرعة فاقت قدرة منتصر على اللحاق بها..فهو رغم اجتهاده..إلا أنه لم يكن يملك لا الخبرة الكافية ولا الكفاءة لتسيير الأمور…
اضطروا بعد سنوات قليلة أن يبيعوا المصنع…فتكاليف العمال والموظفين كانت أكثر من العائد الذى يدره عليهم..لا سيما وأن معظم المواد الخام التى كانوا يعتمدوا عليها فى التشغيل…كانت تأتى من الأرض والمزرعة…التى صارت خرابا….
كيف انقلب الحال فى ليلة وضحاها….وكيف صارت الأمور إلى تلك النقطة….
اعترف لنفسه بالفشل…كان أضعف من أن يعبر بالعائلة ذلك البحر الهائج الذى ألقى فيه ….
لم يستطع تحمل نظرات الخيبة فى عيون المحيطين به..وخاصة ليلى…التى لم تكن تستحق إلا أن يجعلها اسعد مما كانت فى بيت أبيها…وليس العكس….
ترك مدينتهم الصغيرة وسافر بعيدا…بعيدا جدا….
حيث لا يعرفه أحد…ولا يعرف أحد….
كان الجد نائما على فراشه لا حول له ولا قوة..كل شئ به ساكن لا يستطيع أن يحركه….الا عقله الذى لا يكف عن إعادة أحداث الماضى عليه مرارا وتكرارا…وكأنه يعذبه بتلك الذكريات….
نعم هو السبب فى ما وصلت إليه العائلة من دمار….
كان يعتقد أن قصة الأمس انتهت ولن يكون لها أجزاء أخرى….
كم ارتكب من جرائم….فى حق اقرب الناس اليه…بنت عمه..وزوجته…لم يتزوجها عن حب..بل طمعا فى ميراثها…..وكان دائما ما يجرحها بافعاله وكلماته…وكان يهملها دائما…
كانت صابرة…ولكى ترضيه..تنازلت له عن ارثها كله….فما كان منه إلا أن طلقها وابنهم لم يتجاوز العامين….وطردها وأخذ الولد…وانتقل إلى بلد آخر….ثم بعد فترة علم انها ماتت حسرة وفقرا….
تزوج بأخرى على الفور…وانجب منها مصطفى….ولكنه غير فى شهادة ميلاد ابنه الأكبر….ونسبه إليها…
كان خليل طفلا لا يتذكر شيئا…واوهمه أن والدته كانت مسافرة وعادت….
وعاش خليل يعتقد أن جليلة امه هو ومصطفى….لا أحد يعلم ذلك السر..الا جليلة…وجليلة ماتت….
ولكن الله حى لا يموت….
لقد انتقم الله منه فى اعز أبنائه….
يتبع…
#azza sabriy #
