يكتبها المخرج
رضا شوقي
دفعني الشوق والحنين الي ركوب قطار الشرق السريع ” القاهره – المنصوره ” في رحلتي الي مدينتي ابوكبير بالشرقيه ، قررت ان استقل القطار بدلا من السياره لاستعاده ذكريات زمن فات حيث كنت اجلس بجوار النافذه لأنسج بدايات أحلامي وللاستمتاع بمشاهده خضره الزراعات التي اختفت تماما وحل محلها غابات اسمنتيه قبيحه جداا…
كان القطار وسيلتي الوحيده في ذهابي الي القاهره اثناء دراستي في كليه الاعلام في اواخر السبعينات ولم يكن هناك الميكروباصات القاتله المتهوره بعد.
البدايه كانت صادمه فالقطار يقوم من محطه كوبري الليمون بدون اي اشارات او ارشادات او نداءات بالمحطه تشير لوجوده او الرصيف الذي سيتحرك منه .. ولما سألت موظفه الاستعلامات ردت عليا بضجر شديد جداا وكأني ارتكبت جنايه بسؤالي !!؟
ركبت قطار رقم 341 وشعرت لاول وهله ان الركاب هما هما اللي كانوا بيركبوا معايا من اربعين سنه وانهم نسيوا ينزلوا محطاتهم لسبب ما اجهله.، نفس الوجوه، ونفس الشقي ، ونفس الابتسامات الباحثه عن شيء ما ولم تجده طوال هذه السنوات التي سرقت عمري واعمارهم .. !
تحرك من القاهره في الساعه 2.10 ووصل الزقازيق في ال 4.30 وبالرغم من وقوفه في حوالي 10 محطات والركاب يصعدون وينزلون بدون قطع تذاكر ” كله ببلاش ” لان القطار تحرك بدون كمساري !!؟ وعندما سالت الراكب الذي يجلس بجواري: اين الكمساري ؟ اجاب برد صدمني جداا : حضرتك غالبا جديد علي الخط ، لانهم نادراً ما بيطلعوا القطار !!؟
اعتقدت ان الرجل مبالغ في رده او أخواني بيكسر المقاديف “شماعه الأخطاء المعتاده ” .. وللاسف طلع عنده حق، لان المشهد الأمر تكرر في رجوعي بقطار رقم 336 ولم يظهر اي منهم حتي وصل القطار الي القاهره .. .والسؤال أين حق الدوله ومن المسئول!؟
ولاني مريض سكر توجهت الي حمام القطار ” بس ماتقولش حمام ” وكانت الكارثه اللا انسانيه..منتهي القذاره مع إن عربات القطار محسنه” تحيا مصر “! الصيانه فيها منعدمه تماما والحمامات خارج الخدمه والزباله في القطار وعلي السكه وفي المحطات بكميات رهيبه جدااا حاجه تكسف بجد ..والباعه الجائلين اكتر من الركاب !!!
لاشك هناك مجهود كبير تبذله الدوله ومليارات مدفوعه لتطوير السكه الحديد ولكن للاسف فيه خلل كبير جدا في اداره هذا المرفق الحيوي المهم جدا. فغالبا الساده المسئولين في مكاتبهم يقبضون مرتباتهم وحوافزهم ويجهلون الواقع المر البائس مع ان مكانهم الحقيقي وسط الناس ..!؟
وبالتالي لاعجب من الشكوي بان السكه الحديد تخسر وللاسف بيتم تعويض الخساره برفع اسعار التذاكر علي المواطنين الغلابه بدلا من البحث عن اسباب الخلل الحقيقي الواضحه للعيان .
نقطه مضيئه …
في النهايه انا استمتعت جدا برحلتي مع ناسنا الطيبين قوي دول . الكل مبتسم واللي بيشتري حاجه بيعزم علي باقي الركاب بحب شديد جدا . ولما يلاقوا ست او راجل كبير بيقوموا ويقعدوه برضي تام وبيتبادلوا الكراسي مع بعض . وشوش تعبانه صحيح والغلب بيتكلم علي وشهم بس راضين بواقع مش احسن حاجه علي امل إن بكره يكون احسن .
نسيت اقولكم إن انا الوحيد اللي كنت لابس كمامه في القطار كله غالبا .. ولايوجد تباعد اجتماعي ولا غرامات ولا اي كلام من اللي بنسمعه ونقراه ..
ولما لفت نظر الاخ اللي قاعد جنبي بضروره لبس الكمامه لخطوره الكورونا ، قالي بالحرف الواحد : كورنا ايه ياعم الحاج ، الاعمار بيد الله… وختم ب صلي علي النبي ، ابتسمت والتزمت الصمت التام .
ملحوظه :محتفظ بتذاكر القطار معي لمن يهمه الامر
